ظننا لسنوات أن جملة "Trust the process" كانت مجرد خدعة تستخدمها إدارة آرسنال والمدرب ميكيل أرتيتا، لتبرير الأخطاء وحث الجماهير على تجاهل الحاضر والتركيز على الأحلام المزيفة. صفقات غريبة مثل سيدريك سواريس وبابلو ماري وويليان، وأخرى متوسطة المستوى مثل نونو تفاريس وسامبي لوكونجا وبنجامين بن وايت، وتصرفات أخرى جعلتنا نعتقد أن عودة آرسنال للقمة أصبحت شبه مستحيلة. سوق انتقالات مخيب في يناير الماضي، بعدما طارد آرسنال الوهم الذي تجسد في المهاجم الصربي دوشان فلاهوفيتش، ليذهب إلى يوفنتوس ويخرج المدفعجية بلا تعاقدات. أرتيتا خرج وقتها ليبرر ذلك بأن النادي لم يذهب لأي أهداف أخرى، لعدم تعطيل "الخطة المستقبلية" الرئيسية، بإنفاق الأموال لمجرد الإنفاق فقط وليست للتدعيم الحقيقي. الإسباني تم اتهامه بالكذب والخداع، وزادت حدة الاتهامات بعدما دفع آرسنال الثمن بخسارة التأهل لدوري أبطال أوروبا بسبب ضعف التشكيل، ولكن يبدو أن أرتيتا لم يكن مخادعًا بل مشروعه بحاجة فقط للصبر ليس إلا.. بداية على غير العادة التعلم من الأخطاء كان الصفة الأولى لآرسنال في الميركاتو الحالي، بالمضي قدمًا لجلب الأهداف الرئيسية بدلًا من الانتظار لبيع اللاعبين والعناصر غير المرغوب فيها. "العملية" التي بدأها أرتيتا وإيدو المدير التقني لآرسنال، كانت تعتمد على التخلص من بيير أوباميانج، سياد كولاسيناك، كالوم تشامبرو وأليكساندر لاكازيت من أصحاب الرواتب العالية، لبناء "آرسنال الجديد". الموسم الماضي لم يكن الهدف منه هو تحقيق أي شيء، سوى العودة إلى المسابقات الأوروبية سواء من خلال دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي، لذلك قرر المدفعجية تجديد الثقة في أرتيتا لمدة 3 سنوات لاستكمال مشروعه. وبعد نهاية الموسم حدد أرتيتا أهدافه في السوق "المزيد من الخبرة، المزيد من الأهداف، إضافة عناصر خطيرة لإزعاج الخصوم" وهو ما ينطبق على سوق آرسنال الحالي. صانع الألعاب البرتغالي فابيو فييرا، الملقب ببرناردو سيلفا الجديد كان بمثابة المفاجأة السارة غير المتوقعة، وفي الطريق صفقة أخرى هي جابرييل خيسوس مهاجم مانشستر سيتي، بالإضافة لماركينيوس جناح ساو باولو البرازيلي. لماذا تعلم أرتيتا من الدرس؟ لأنه يحاول بناء فريقه مبكرًا وعدم الانتظار للأيام الأخيرة من السوق، لتفادي كارثة الموسم الماضي بدخول الدوري الإنجليزي بفريق غير جاهز، ليخرج من أول 3 مباريات بلا نقاط وبلا أهداف. تسوق مع الكبار إيفان بيريشيتش، ريتشارليسون، كليمون لونجليه، فريزر فورستر، لو نظرنا إلى هذه الأسماء سنظن أنها لفريق يلعب في الدوري الأوروبي ولا يستطيع جلب النجوم. ولكن في الحقيقة توتنهام هو من قام بهذه الصفقات مع مدربه أنطونيو كونتي، النادي الذي تأهل لدوري أبطال أوروبا على حساب آرسنال. وفي المقابل سنرى أن المدفعجية لم يتأثروا بعدم التأهل للأبطال، باستهداف نوعية جديدة لم نعتاد عليها مثل جابرييل خيسوس الذي اختارهم على حساب تشيلسي وتوتنهام، ورافينيا جناح ليدز يونايتد وليساندرو مارتينيز مدافع أياكس أمستردام. أرتيتا قام بتكوين قاعدة شابة مميزة حافلة بالمواهب، وحان الوقت الآن لإضافة الخبرة والجودة الكافية لتقليل الفجوة مع مانشستر سيتي وليفربول. التوليفة تشمل مجموعة من الإنجليز المنضبطين مثل رامسديل ووايت وعقلية اسكتلندية قريبة منهما تتمثل في كيران تيرني، مع شباب "Hale -End" أكاديمية آرسنال وهم سميث رو وساكا ونكيتياه، مع إضافة لمسة جمالية في خيسوس وفابيو فييرا وأوديجارد وجابرييل مارتينيلي وليساندرو مارتينيز، ليكون الفريق مزيجًا من الشباب والخبرة والانضباط والمهارات الفردية. وفي الحقيقة أن الجميع تعجب من ترحيب اللاعبين بالانتقال لآرسنال رغم عدم وجود دوري أبطال، ربما لأنهم يرون في أرتيتا ما لا يراه الجمهور؟ لا رافينيا لا مشكلة صفقة رافينيا اقتربت حاليًا من الفشل، حيث أصبح اللاعب قريبًا من الانتقال إلى برشلونة أو تشيلسي، ولكن هل يتأثر آرسنال بهذا الأمر؟ نظرة سريعة على العناصر التي سيمتلكها الفريق سنرى هناك مات تيرنر وآرون رامسديل في حراسة المرمى، بنجامين بن وايت وويليام ساليبا وجابرييل وتاكهيرو تومياسو وكيران تيرني وليساندرو مارتينيز في الدفاع، لنرى خط خلفي لم يتمتع به آرسنال منذ سنوات طويلة جدًا. التعاقد مع مارتينيز قد يكون أهم من رافينيا، لأنه مدافع مميز يجيد تغطية أكثر من مركز في خط الوسط والظهير الأيسر، مما سيرحم آرسنال من المشاكل البدنية لتوماس بارتي وكيران تيرني. ولذلك يمكن احتسابه كلاعب وسط أيضًا مع بارتي وجرانيت جاكا ومحمد النني وسامبي لوكونجا وفابيو فييرا ومارتين أوديجارد، والمتوقع قدومه يوري تيليمانس .. عمق غير مسبوق لأرتيتا، وحيرة سيستمتع بها الإسباني. وفي الهجوم سيكون هناك جابرييل خيسوس، إيدي نكيتياه، سميث روي، جابرييل مارتينيلي، بوكايو ساكا بالإضافة لعنصر آخر في حالة فشل ضم رافينيا. نقلة نوعية متوقعة سيشهدها آرسنال، لا تحتاج فقط إلى مدرب يمكنه الاستفادة من هذه العناصر، ورغم الشكوك المحاطة بأرتيتا، إلا أن قيامه ببناء هذا المشروع بتلك الطريقة، يجعلنا لا نستبعد مفاجأة أخرى في الملعب. هل انتهى العمل؟ لو انتهى سوق آرسنال على ضم خيسوس، فابيو فييرا، ليساندرو مارتينيز وماركينيوس، دون التعاقد مع لاعب وسط ستكون صدمة قد تفسد كل ما فعله أرتيتا. ضم لاعب وسط من نوعية تيليمانس يبدو أمر ضروري جدًا لحل مشاكل هذا المركز، لأن بارتي لا يمكن الاعتماد عليه وحده كعنصر مميز، وفكرة رؤية جاكا كأساسي بجواره مرة أخرى ستكون مؤلمة لجماهير المدفعجية. آرسنال بحاجة أيضًا للاعب جناح غير رافينيا، ليس بسبب الحاجة لجناح، بقدر ما هي حاجة إلى أليكسيس سانشيز جديد، لاعب يصنع الفارق عندما تتأزم الأمور وتختفي الحلول أمام الدفاعات المغلقة، ربما سيرج جنابري هو كلمة السر ولكن فكرة استقدامه من بايرن ميونخ تبدو صعبة جدًا، لذلك هناك بعض الخيارات الأخرى مثل موسى ديابي جناح ليفركوزن، بيدرو نيتو جناح وولفرهامبتون أو رافاييل لياو نجم ميلان. المدفعجية بحاجة دائمة للظهور في أفضل مستوياتهم من أجل الفوز، وهذا لا يفيد طول الوقت، يجب امتلاك عناصر يمكنها إنقاذك عندما لا تكون في يومك لذلك استقدام لاعب على أعلى مستوى صاحب مهارات فردية مميزة سيصنع الفارق لآرسنال وسيجنبه كوابيس نيوكاسل وساوثامبتون وبرايتون وتوتنهام التي حدثت الموسم الماضي. التجديد لكل من مارتينيلي وساكا وساليبا كذلك من أهم الملفات التي يجب الالتفات لها، لأنه لم تم الحفاظ على هذه المواهب ودعهمهم بلاعبين خبرة، سيكون آرسنال قادرًا على تقليل الفجوة مع مانشستر سيتي وليفربول، والتفوق على مانشستر يونايتد وتوتنهام وتشيلسي. اقرأ أيضًا ..