كرة القدم تقتل الحالمين ..انبطح على الأرض يا بوتر فلن يمنحك أحد السماء!

الحياة ليست عادلة يا صديقي

دعك من هؤلاء الذين ينشدوك قصائد الأحلام وصعود سلالم المجد، دعك من هؤلاء الذي يحكون قصص الكفاح وعدم الاستسلام وأن من جد وجد ومن زرع حصد.

لأن الحياة ليست عادلة، فهناك من يكافح وهو يضمن تعدد الفرص وآخر يجلس بجوار حد السكين، ما إنّ تفسد الأمور حتى يكون أول ما يتذوق ألمها.

وهكذا جاء جراهام بوتر حالمًا من برايتون، يحاول أنّ يؤكد للعالم أنّ قصته التي بدأت من دوري الدرجة الرابعة حتى وصل إلى قيادة فريق بحجم تشيلسي يبحث عن حصد دوري أبطال أوروبا وتكرار معجزة 2021.

لكن الحلم كان كابوسًا، والفريق الذي كان خطوته للأمام أصبح الفريق الذي أعاده للخلف بعد قرار إقالته المفاجئ قبل أيام من مواجهة مصيرية ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا وأمله الوحيد لإنقاذ الموسم.

لماذا انهار؟ لأنه بوتر وليس فرانك لامبارد، كما حدث تمامًا مع كيكي سيتيين من قبل في برشلونة وماوريتسيو سارّي مع يوفنتوس وغيرهم من الأسماء التي تعلقت بأستار الحلم واستيقظت على نيران الواقع.

صرفنا ملايين

بوتر لم يكن ليحصل على فرصته، تشيلسي فريق يريد أن يحصد كل شيء وبسرعة، لابد من التتويج بلقب كبير والمنافسة على الدوري ورفع الكؤوس والأهم أن يحدث ذلك دون أي مراحل صبر وإعداد.

سوف نضخ الأموال لجلب الصفقات، حتى لو كانت صفقات مبالغ في تقدير ثمنها أو حتى لو لم تكن في المراكز التي يحتاج فيها الفريق لصفقات حقيقية.

المهم أننا صرفنا الأموال، وعليّك أن تفعل كل شيء لتحويل هذه الأموال لكؤوس وأبطال، وتذكر أي تعثر هو فشل وأي تألق يمنح القليل من الصبر ثم انتظار السقوط التالي لعودة نغمة التهديد والوعيد.

لهذا حصل فرانك لامبارد على فرصة كبيرة مع تشيلسي، لأنّه ببساطة فرانك لامبارد وربما لو لم يكن توماس توخيل متاحًا لما تعرض ابن النادي للإقالة في منتصف الموسم.

لهذا حصل أندريا بيرلو على فرصة كاملة مع يوفنتوس لموسم كامل رغم أنّه بلا أي خبرة حقيقية.

ولهذا لم يحصل كيكي سيتيين على فرصته في برشلونة وكان كبش الفداء لإقالة سريعة رغم المعاناة التي عاشها النادي الكتالوني في هذا الموسم من إصابات وغيابات وأزمات مالية وبالطبع جائحة كورونا.

أحلام في الثلاجة

يحق لك أن تحلم، لكن تحقيق الحلم يقتضي وجود ظهير قوي يدعمك ويساندك.

اتخذ خطوات للأمام، لكن احذر، فالكل يتوقع سقوطك وينتظر سقوطك ويمهد لسقوطك ويدعم سقوطك ويعلن على الملأ أنّك سقطت هو لو كنت متشبثًا قادرًا على القتال.GettyImage/Azzuu

الأحلام مجانية، لكن تحقيقها يحتاج الكثير والكثير، الحظ أحيانًا يلعب دورًا، الظروف الخارجة عن إرادتك قد تلعب دورًا، الكثير من الأمور تعتمد على أشياء خارج عن إرادتك، لذلك تحقيق الحلم مكلفًا للغاية.

انتهت رحلة بوتر سريعًا قبل حتى أن يكمل نصف موسم، وأصبح سقوطه دليلًا على أنّ الحلم والعمل والكفاح والجد ليس كافيًا طالما أنّ الإدارات ترغب في نجاح سريع وتحويل الأموال لبطولات دون النظر لأي اعتبارات أخرى.

بوتر صار أحد هؤلاء الحالمين، تطلعوا إلى النجوم وقرروا ركوب أسرع صاروخ فضاء إلى السماء دون أن يلاحظوا العطب في صاروخهم فانفجر بهم بعد الإقلاع بساعات قليلة.

انتهى حلم بوتر في تشيلسي، وتحطمت طموحات جديدة لمدرب حاول بكل ما لديه لكنّه في الأخير لم يكن ابن النادي ولا أسطورة يدندن باسمها الإعلام والجماهير!