عندما تنطلق المباراة النهائية لبطولة كأس العالم 2022 بين الأرجنتين وفرنسا يوم الأحد، ستكون أرضية ملعب استاد لوسيل قد غمرت بما يقرب من 300 طن من الماء منذ بداية البطولة. وفي سعيهم للحفاظ على أسطح اللعب العشبية في حالة صالحة للعب في المناخ الصحراوي القاسي في قطر، قام موظفو الملاعب برش 10000 لتر من المياه يوميًا في عشرات الملاعب وملاعب التدريب المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. هذا الحجم الهائل من المياه يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها قطر، والتي تعد من أكثر دول العالم من حيث الفقر المائي، في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وإدارة نموها ومحاولة التقليل من تأثيرها البيئي. أمة صحراوية كان من الممكن أن تكون مشكلة أطقم الملاعب في كأس العالم 2022 أسوأ إذا ما أقيمت البطولة في الصيف كما كان مخططًا لها. حينها كان سيضطر عمال الملاعب إلى ما يقارب 50 ألف لتر من المياه يوميًا لسد حاجة أرضية الملاعب وضمان وجودها في حالة مثالية. وحسب هيئة الإذاعة البريطانية، فإن فريق عمل إعداد أسطح الملاعب في قطر وصف الأمر بأنه مستوى مختلف من التحدي مقارنة بالظروف السائدة في البلدان الأخرى. في حين تم استخدام المياه المعاد تدويرها في احتياطي عشب الطوارئ الضخم الذي تبلغ مساحته 425 ألف متر مربع، والذي تم زراعته شمال الدوحة لاستخدامه خلال البطولة، فقد جاءت المياه المستخدمة في ملاعب المباريات وملاعب التدريب من مصدر صناعي، وهو تحلية المياه. رضوان بن حمادو، الأستاذ المشارك في العلوم البحرية بجامعة قطر: "إذا كنت تعتمد فقط على الموارد المائية المتوفرة بشكل طبيعي، فإن قطر لن يعيش بها سوى 14 ألف شخص فقط". وأضاف: "هذا لن يملأ حتى ربع ملعب من ملاعب كأس العالم، قطر ليس بها أنهار، وتتساقط الأمطار فيها أقل من 10 سم في السنة". حلول ذكية! السر في تحسين الوضع المائي في كأس العالم 2022 في قطر كان في التحول الرقمي في المقام الأول. شركة "Idrica Qatar" قامت بنشر منصة ذكية لمراقبة استخدام المياه في الوقت الفعلي في المناطق المحيطة بملاعب المونديال، ومناطق التدريب والإقامة للفريق، ومناطق المشجعين. تلك المنصة وفرت تحكمًا أكبر في شبكة توزيع المياه، وساعدت في منع المواقف التي تؤدي إلى هدر الماء أثناء البطولة. المشروع يتضمن إرسال تنبيهات تستند إلى توقعات هطول الأمطار، بالتكامل مع وكالة الأرصاد الجوية القطرية، حيث تراقب المنصة مستويات المياه، وسرعة المياه وتدفقها في الآبار في شبكات الصرف الصحي، ومياه الأمطار وضغط شبكة المياه المعالجة. وذلك كله جاء عبر تركيب 76 جهاز استشعار، و1500 مقياس إشارة ميدانية، من أجل التعرف على أقل تغيير يحدث في أي وقت. كريستيان بيريز، المدير التقني للشركة أكد أن هذه المبادرة بدأت بعد بطولة كأس العرب 2021، حيث تم الكشف حينها عن أوجه قصور في مراقبة الملاعب، ومستويات المياه في غرف التفتيش، وضغط المياه المعالجة والروائح. شركة "Idrica" هي شركة تقنية دولية رائدة في صناعة المياه، ومتخصصة في الحلول الرقمية، وبالتأكيد فإن دورها في كأس العالم كان ملحوظًا في مساعدة قطر على تحسين وضعها المائي.