موقع اخبار كورة - في لحظة تبدو فيها الأمور غريبة على أنصار ليفربول، يواجه النادي الإنجليزي سؤالًا صعبًا وغير متوقع حول مكانة نجمه المصري محمد صلاح في التشكيلة الأساسية. وبعد سنوات من التألق والنجاح، لم يعد الأمر واضحًا كما كان، خاصة بعد أن شهدت مباريات دوري أبطال أوروبا الأخيرة تغييرات ملحوظة في دور الفرعون المصري، ففي مباراة ليفربول أمام فرانكفورت مساء أمس، الأربعاء ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، وجد محمد صلاح نفسه على مقاعد البدلاء مرة أخرى. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، إذ سبق وأن بدأ مباراة جالطة سراي الأخيرة من دكة البدلاء، ما يجعلها المرة الأولى منذ 2017 التي يجلس فيها صلاح احتياطيًا في مباراتين متتاليتين بدوري الأبطال، وفي تلك المباراة، قرر المدرب آرني سلوت الدفع بصلاح كبديل في الدقيقة 74 على حساب هوجو إكتيكي. هذا التحول دفع الصحفي جيمس بيرس في صحيفة ذا أثليتك إلى طرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل محمد صلاح مع "الريدز". وبدأ بيرس، في تقريره المنشور على الصحيفة الإنجليزية، بسرد تطورات جديدة داخل صفوف ليفربول، مسلطًا الضوء على التساؤلات التي باتت تحوم حول مكانة محمد صلاح في التشكيلة الأساسية للفريق، موضحا أن "مو" الذي كان في السابق من أهم الأعمدة في تشكيل الريدز، يمر الآن بفترة صعبة تؤثر على مستواه وأدواره داخل الملعب. روى جيمس بيرس المشهد قائلا: "المهاجم المصري صافح سريعا جماهير ليفربول المحتفلة في مدرجات الفريق الزائر داخل ملعب "دويتشه بنك بارك" بعد صافرة النهاية، قبل أن يلتفت ويتجه مباشرة نحو النفق بينما كانت الاحتفالات مستمرة. كان جسده يعبر عن الكثير". وتابع: "حقق ليفربول انتصارًا مدويًا 5-1 على أينتراخت فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا، ما ساعد الفريق على تخفيف وطأة سلسلة من أربعة هزائم متتالية، لكن صلاح كان يعاني من إحباط شخصي أكبر". وأضاف: "إذا كان كبرياؤه قد تأثر بالفعل بعد استبعاده من مباراتين متتاليتين في دوري الأبطال للمرة الأولى في مسيرته مع أنفيلد، فقد اضطر بعدها للجلوس ومشاهدة فريق آرتي سلوت الذي شهد تغييرات كثيرة، يقدم أفضل أداء له هذا الموسم بدونه". وأوضح: "بعد أن خرج صلاح من دكة البدلاء متأخرًا قبل 16 دقيقة من النهاية ليحل محل النجم المتألق هوجو إكتيكي، لم يُظهر سوى الأسباب التي جعلته يجلس على مقاعد البدلاء، أُتيحت له فرصتان كبيرتان، وفقًا لإحصائيات أوبتا، لكنه فشل في استغلال أي منهما. كان يائسا في محاولاته لتجنب تمديد فترة جفافه إلى 6 مباريات، وهو ما تجسد في محاولته الفاشلة للتسجيل من زاوية ضيقة جدًا، رغم أنه كان بإمكانه تمرير الكرة إلى فلوريان ويرتز لتسجيل هدف سهل في اللحظات الأخيرة". وواصل: "لا شك أن هذه هي أصعب فترة يمر بها صلاح خلال 8 أعوام قضاها في ليفربول. إذ أن رصيده الحالي من الأهداف في جميع المسابقات، والذي يبلغ 3 أهداف فقط، واحد منها من ركلة جزاء أمام بيرنلي، هو الأقل له في هذه المرحلة من الموسم، لمسته وقراراته تكررت مرات كثيرة في الفشل، حيث يبدو اللاعب الذي أظهر مستويات خارقة من الثبات والتألق طوال هذه السنوات، محطمًا العديد من الأرقام القياسية وحاصلاً على مكانة أسطورية، وكأنه يفتقد ثقته بنفسه بشكل غريب". وتابع جيمس بيرس بحزن: "من السخافة أن نكتب نهاية قصته الآن. نعم، عمره 33 عامًا، ولا يمكنه أن يتحدى الزمن إلى الأبد، لكننا لا نزال في شهر أكتوبر فقط، بعد صيف مليء بالتغييرات الجذرية في صفوف ليفربول، من الواضح أنه لا يزال يحاول التأقلم مع الصفقات الجديدة داخل الملعبـ، لقد فقد اثنين من ثلاثة لاعبين كانوا يصنعون له معظم الفرص في الموسم الماضي، وهما لويس دياز الذي انتقل إلى بايرن ميونخ، وترينت ألكسندر-أرنولد الذي انتقل إلى ريال مدريد. وأشار إلى أن في هذا الموسم، كما يوضح الرسم البياني أدناه، أصبحت الفرص التي يحصل عليها صلاح أقل بكثير، حيث بات كودي جاكبو هو اللاعب الأكثر انتظامًا في صناعة الفرص له. وذكر بيرس أن بعض الناس يمتلكون ذاكرة قصيرة. قبل عدة أشهر فقط، كان صلاح يستحق عن جدارة حصد مجموعة كبيرة من الجوائز الفردية بعد موسم استثنائي شارك خلاله في 57 هدفًا (34 هدفًا و23 تمريرة حاسمة) في جميع المسابقات. وكان من حقه تمامًا أن يحصل على تمديد عقد لمدة عامين براتب 400,000 جنيه إسترليني أسبوعيًا بالإضافة إلى المكافآت. وكان عدم تجديد عقده سيشعل غضب الجماهير. وأضاف أن ليس من طبيعة محمد صلاح أن يتراجع أو يهدأ. فهو وحش تنافسي يشعر بالألم في هذه اللحظة. ثالث أكبر هداف في تاريخ النادي كان يطمح دومًا لتحقيق المزيد من الأرقام القياسية والفوز بحذاء ذهبي آخر، ومن غير العدل أيضًا تجاهل تأثير وفاة دييجو جوتا في يوليو الماضي. لم يكن عليك سوى مشاهدة المشاهد التي ظهر فيها صلاح وهو يذرف الدموع أمام مدرج "الكوب" أثناء ترديد أغنية جوتا بشكل متكرر بعد مباراة بورنموث في أغسطس، لترى كيف كان يصارع حزنه بعد فقدان صديقه. وأكد أن صلاح يستحق كل التعاطف والاحترام بدلاً من الانتقاد، وحقيقة أنه هو من سجل ركلة الجزاء في الوقت بدل الضائع على ملعب "تيرف مور" تؤكد لماذا طالما أراد ليفربول أن يكون على أرض الملعب، لكن يبقى من الإنصاف أن نفتح نقاشًا عادلًا حول ما إذا كان صلاح، لأول مرة منذ وصوله من روما في صيف 2017، يستحق فعلاً مكانًا في تشكيلة ليفربول الأساسية. وأوضح أن عندما تم استبعاده في مباراة الغياب أمام جالاتا سراي الشهر الماضي، برر آرني سلوت ذلك بأنه حفاظ على لياقته، خاصة أن الرحلة إلى تركيا جاءت بين مباراتين صعبتين في البريميرليج ضد كريستال بالاس وتشيلسي، لكن ليلة الأربعاء في فرانكفورت بدت مختلفة، حيث كان ليفربول بحاجة ماسة لدفعة معنوية بعد سلسلة من الانتكاسات، وكان المدير الفني يبحث عن حلول أخرى بدلاً من الاعتماد على هداف النادي المخضرم. وتسائل بيرس عما إذا كان صلاح يستحق العودة والتواجد أساسيا في مباراة برينتفورد يوم السبت؟ هذا سيعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان سلوت سيواصل الثقة بالتشكيلة التي جربها ضد فرانكفورت. التشكيلة كانت 4-4-2 ولكنها تحولت فعليًا إلى 4-2-2-2 بدون الكرة، ثم إلى 2-4-4 عندما كانت بحوزة الكرة. ولفت بيرس الانتباه إلى أن التعديل التكتيكي الذي أجرى آرني سلوت قاد ليفربول لتحقيق أول فوز بفارق أكثر من هدفين منذ الانتصار الكبير على توتنهام 5-1 في أنفيلد خلال أبريل الماضي، الذي ضمن فيه الفريق لقب الدوري، وبالرغم من أن فريق سلوت استهل المباراة متأخرًا بهدف راسموس كريستنسن، إلا أنه تحلى بالهدوء وسيطر تمامًا على مجريات اللقاء، مع 14 تسديدة على المرمى مقابل تسديدة وحيدة للفريق المنافس. ومع ذلك، نوه بيرس إلى أن مستوى الخصم كان متواضعًا، إذ عانى فريق الدوري الألماني من مشاكل دفاعية واضحة، حيث سجل فيرجيل فان دايك وإبراهيما كوناتي هدفين برأسهما من ركلات ركنية. وتابع أن بسبب امتناع محمد صلاح عن العودة للمساعدة الدفاعية، يصعب تخيل تواجده في الدور الذي أداه فلوريان ويرتز على الجهة اليمنى في المباراة الأخيرة. ويرتز ببساطة يجب أن يحتفظ بمكانه في التشكيلة بعد أن ساهم في صناعة هدفين. وأخيرًا، وبعد أسابيع من الإحباط منذ انضمامه من باير ليفركوزن، وجد ويرتز شيئًا يبني عليه." وبالنسبة لألكسندر إيزاك، قال بيرس إنه لم يتمكن من استغلال الفرص القليلة التي أتيحت له، وغاب عن الشوط الثاني بسبب شعوره بعدم الراحة في الفخذ، بينما تألق شريكه في الهجوم هوجو إكتيكي مجددًا. وفضل آرني سلوت الدفع بفيديريكو كييزا بدلاً من صلاح. ومع احتمالية غياب إيزاك، يصبح الاختيار بين كييزا أو صلاح مجددًا يوم السبت، سواء استمر سلوت في التشكيلة الجديدة أو عاد إلى نظام 4-2-3-1، مع تفوق كييزا في حالته الفنية والبدنية حاليًا. أما على صعيد خط الوسط، فقد كان الأداء أفضل أمام فرانكفورت، حيث أثبت كورتيس جونز جدارته بما يتجاوز مجرد تبرير وجوده في التشكيلة، بعد أن أكمل 122 تمريرة، وهو أعلى رقم مسجل لأي لاعب في ليفربول في مباراة بدوري أبطال أوروبا. وأبرز بيرز في تحليله أن على صعيد الأداء الفردي، تألق دومينيك سوبوسلاي بشكل لافت بعد أن طُلب منه اللعب أعمق بجانب كورتيس جونز، واختتم ليلة رائعة بتسجيل الهدف الخامس من مسافة 20 ياردة، عقب هدف جاكبو الثالث على التوالي. أما في الخط الدفاعي، قدم الظهير القتالي آندي روبرتسون تمريرة حاسمة مميزة أطلق بها هوجو إكتيكي للهدف التعادلي، ومن المتوقع أن يحتفظ روبرتسون بمكانه أمام برينتفورد، خاصة مع استمرار كونور برادلي في الجهة اليمنى بعد إصابة جيريمي فرامبونج في أوتار الفخذ. وتابع أن ليلة فرانكفورت أعادت بعض الأمل والثقة لفريق ليفربول، حيث برز إكتيكي كتهديد هجومي بارز، رغم عدم احتفاله بهدفه في مرمى فريقه السابق، وحديثه في مقابلة مع TNT سبورت إنه يكن احترامًا كبيرًا لفريق فرانكفورت الذي صنع منه اللاعب الذي هو عليه الآن، معبرًا عن امتنانه لزملائه والجهاز الفني في الريدز. وأتم أن سرعان ما أصبح إكتيكي نجم ليفربول الهجومي الجديد، مما يشير إلى أن صلاح لم يعد اللاعب الأبرز، وأن الطريقة التي سيتعامل بها صلاح مع هذا الواقع قد تحدد ما إذا كان هذا هو بداية مرحلة جديدة في أنفيلد.